الأربعاء، 2 يوليو 2025

قناع الحقيقة..

قناع الحقيقة..
الكذب ليس كما يظن البعض نقيضاً مباشرا للحقيقة، بل هو أحياناً قناعها الأكثر أناقة، أكثرها تهذيباً، وأكثرها قدرة على التسلل إلى وجدان من يريد أن يُخدع. 
كنا نجلس في تلك الأمسية التي تبدو اليوم بعيدةً كأنها تنتمي لقرن آخر، وهي لا تبعد عني إلا بعد وهميّ زمنيّ تشكّله الذاكرة عندما تأبى أن تصدّق، كنت أنظر إلى عينيها وهي تبتسم وتقول شيئا ما عن الغياب، عن الالتزام، عن الوقت، ولكن ما قالته لم يكن هو المهم، بل ما لم تقله، كانت هناك مسافة، صغيرة لكنها فادحة، بين صوته ومعناه،لم تكذب لأنها أرادت ذلك، بل لأنها لم تعد قادرة على قول الحقيقة ، لأن الحقيقة باتت تُشبه المرآة التي لا يمكن النظر إليها دون أن يشعر المرء بالرغبة في كسرها. 
أعترفت الآن، بعدما مضى ما يكفي من الزمن لتصبح الأشياء أكثر نقاءً في بُعدها، أنّ أكثر ما يُمزق في الكذب ليس الكلمة الخادعة، بل تلك اللحظة التي نعي فيها أننا آمنا بها بإرادتنا، لم نُخدع فقط، بل كذبنا على أنفسنا لأن الحقيقة كانت أكثر قسوة من أن تُحتمل. 
والكذب، في جوهره، ليس اختراعاً بل هو محاولة فاشلة لتهذيب الصدق كي يصبح قابلاً للبلع، كتعديل بسيط على جملة جارحة، أو كسطر يُمحى من خطاب اعتذار حتى لا يبدو ضعيفا.

بليغ حمود سعيد ذمرين  ...
 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

ورود العشق

.  ورود العشق زرعت ورود العشق بصدق بحديقة اشواقي وسقيتها من دمع عيني ولهفة الحب ساهرت ليلي لأحميها فنمت تلك الورود واصبحت بساتين ورود تهدي ل...