*أبحث عني... في غير ظلي..*
ما زلتُ أبحث عن
نصفي الآخر،
فأجدُ رأسي المقطوع
يتدحرجُ
بين بقايا ماضٍ متجمد،
وحاضرٍ يذوبُ بين أصابعي.
قالوا:
ستجده حين يكتمل القمر،
وقتَ الأسحار،
حين يصمت السوق
عن جشعه،
وتتراجع المدافع
عن كبريائها،
وتئن المقابر،
وتخر المنابر.
فانتظرت ألف قمر،
وألف وعد،
فلم يكتمل شيءٌ...
سوى خيبتي التي تصطادني
كلما صدّقت نبوءاتهم.
كنتُ أؤمنُ بنظرية "النصف"؛
نصفٍ يكمّل شرودي،
ويمنح للجنون اتزانه...
لكنني لم أكن نصف نور،
كنت نصف نار،
ونصف حطب.
أشتعل من وجعي،
وأصمتُ،
لئلا يسمعني الرماد.
---
جاءت...
تحمل زهراً،
وكتاب سلام.
أسررت لها:
كم تشبهين المطر،
ثم أعلنت:
أنا أحمل ذاكرةً محترقة،
وسيجارةً خامسة بعد الألف.
قالت:
أحب المطر.
قلت:
وأنا أُطفئ به حرائق الأسى.
قالت:
الليل رفيقي.
قلت:
أنا صديقه القديم،
لكنني لم أنم في حضنه.
قالت:
نختلف.
قلت:
هذا أجمل ما في الأمر!
التماثل ممل،
والاختلاف صدفة تحتاج لفة،
لتصبح ليناً وخفة.
الاختلاف موسيقى،
إن أنصتنا لها،
تصبح لحنًا بلا نشاز،
تعزف لتحيا وتبقى.
---
مشينا سويًا،
لا كقلبين على غيمة،
ولا كحبيبين ..
في أغنية حالمة،
بل كقدمين ..
تدوسان شقوق الأرض،
تحاولان ألا تسقطا في الحفر.
قالوا:
ستجد توأمك الروحي!
بكيت،
وضحكوا.
قلت:
هل أنا شظايا إنسان
لا يصلح للعناق؟
أم نداء خافت،
يضيع بين الزحام،
تعتريه شبهة النسيان؟
كنت أحلم أن أكون عناقًا،
لكنني صرت صدى
يتلاشى قبل أن يُحتضن،
ثم أخشى أن يكون فراقًا.
---
قالوا:
الحب توافق أقدار!
قلت:
بل تناسق أقدام،
تمشي فوق طينٍ لزجٍّ،
وتصبر على العوج،
وتبتسم،
ولو نزفت خطواتها
من دموع الفجج.
الحب لا يسكن السماء،
بل في قدم تتعثّر وتنهض،
وفي يد تمسح الوحل،
دون كلل أو ملل.
---
الحب؟
ليس أن نكون متشابهين،
بل أن نبقى مختلفين،
معًا،
متآلفين.
أن تقول:
"نختلف لكن لا نرحل"،
وأن تبني من هزيمتين
بيتًا لا يسقط.
أن نبقى،
ولو كنّا نصفين من نار،
لكن لا نحترق،
بل — بالأحرى —
ننصهر... لنلتصق.
---
جميع الحقوق محفوظة
بقلم الشاعر أحمد لخليفي الوزاني
الملقب بشاعر وزانسيان
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق