الخميس، 5 يونيو 2025

الرجل الدمية الفصل الثاني: هاجر… مرآة بلا رحمة

الرجل الدمية 
الفصل الثاني: هاجر… مرآة بلا رحمة
في السنة الأخيرة من المدرسة الثانوية، دخلت هاجر كالعاصفة. لم تكن كأي فتاة قابلها سمير. كانت واثقة، صريحة، وعيناها تقولان ما لا تجرؤ شفاهها على البوح به. لم تكن جميلة بالمعنى التقليدي، لكن فيها شيئًا لا يمكن تجاهله… كأنك تنظر إلى مرآة تكشف حقيقتك.
لاحظت سمير من اليوم الأول. شاب مهذب، مرتب، لكنه مكسور بطريقة لا يراها إلا من تعوّد أن يرى القيد خلف الابتسامة. في إحدى الحصص، سألها أحدهم عن رأيها في شخصية "الرجل المثالي". التفتت نحوه مباشرة وقالت أمام الجميع: الرجل المثالي؟ بالتأكيد ليس ذاك الذي ينتظر موافقة أمه قبل أن يتنفس.
ضحك الصف، لكن سمير لم يضحك. كان يعرف أنها تقصده. شعر بالخجل، والغضب، وشيء آخر... الإعجاب.
بدأ يتقرب منها بخجل. يقدم لها الملاحظات، يشاركها الكتب، يستمع لها بإعجاب، ويوافق على كل آرائها دون نقاش. كانت تستمتع بذلك في البداية، لكن سرعان ما بدأت تمل. قالت له مرة، وهما جالسان تحت شجرة في باحة المدرسة: أنت جيد يا سمير… طيب، هادئ، لكنك بلا لون. بلا طعم. أريد رجلاً يناقشني، لا يتبعني.
ارتبك، تلعثم، وحاول أن يغير الموضوع، لكنها قاطعته: سمير… هل تعرف من أنت؟ أم أنك تنتظر أن تخبرك أمك أو أنا بذلك؟
تركته ومضت.
في تلك الليلة، عاد إلى المنزل وهو يشعر بأن قلبه هش كزجاج مكسور. لم يخبر أمه بشيء. لكنه، ولأول مرة، فكر: من أنا فعلًا؟
يتبع
بقلمي عبدالفتاح الطياري -تونس 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

صاحب الديار

صاحب الديار يا صاحب الديار انك فاتن                    قد طرحت من الامور احسنها بات لك ان الامر هين                   و هذا مسار من له اصبح ...