ذكريات الولد الشقي
تأليف: فايل المطاعني
عنوان الفصل: عندما بدأ القلب يسأل
المقدمة
لكل ولد شقي مرحلة يبدأ فيها قلبه بالنبض بأسئلة لا إجابة لها في كتب المدرسة... لحظة تبدأ فيها الحكايات بألوان جديدة، ليست عن مغامرات الحي، ولا عن سرقة الحلوى من الدكان، بل عن الوجود، والخالق، والنهاية.
هنا، يبدأ "الولد الشقي" يكبر... ويبدأ الخيال بالتساؤل.
---
أحب الله...
عندما كنّا صغارًا، كانت بعض الأسئلة تتسلل إلى عقولنا الصغيرة كهمساتٍ لا تجد صدىً واضحًا، فنكررها على من حولنا:
"أين يوجد الله؟"
"هل له يدٌ مثلنا؟"
"هل يسمعني وأنا أهمس في سرّي؟"
وكنا نُقابل بتنهيدة، أو نظرة توجّس، أو عبارة مألوفة:
"استغفر الله، لا تسأل!"
رغم أننا لم نكن نكفر أو نشك، بل كنا فقط... نحاول أن نفهم.
والمؤلم أن الكبار – من آباء وأمهات – لم يمتلكوا غالبًا ذلك الصبر أو الفهم لخيال طفلٍ يحاول فقط رسم صورةٍ لله في قلبه قبل عقله. كانوا يرون في أسئلتنا خروجًا عن الأدب، بينما نسينا جميعًا أن إبراهيم عليه السلام، أبو الأنبياء، بدأ رحلته الإيمانية بأسئلة... وأن الله لم يغضب منه.
واليوم، بعد أن كبرت قليلًا، أودّ أن أُجيب نفسي، وأُجيب كل طفلٍ يسأل:
لماذا نحب الله؟
هل نحبه خوفًا من النار؟
أم لأن الكبار قالوا لنا إنه "يُحب المحسنين"؟
أم لأننا تعوّدنا أن نردّد: "اللهم حبّبنا إليك..." دون أن نشعر بشيء؟
أنا – الولد الذي كبر قليلاً – أقول:
نحب الله لأنه خلقنا بحب، وزرع فينا روحًا تتوق إليه، ومنحنا جنة عرضها السماوات والأرض، ودلّلنا بآلاف النعم التي لا نراها إلا حين نفقدها.
نحب الله لأنه لم يُغلق الباب في وجه المذنب، بل قال له:
"قل يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم، لا تقنطوا من رحمة الله"
لأنه وعدنا بجائزة ليست لمن لا يخطئ، بل لمن يعود... ويُحب.
رحلتنا في هذه الأرض قصيرة جدًا، أقصر من حلم ليلة صيف... ولكنها كافية لنتعلّم كيف نحب الله، لا من خوف، بل من امتنان.
الخاتمة
كبر الولد الشقي، لكن قلبه بقي نقيًا، يسأل... ويبحث... ويحب.
كبر وهو يعلم أن الله لا يُحب الصمت المكسور بالخوف، بل الحوار المولود من الشوق.
كبر وهو يؤمن أن كل سؤال يطرحه الطفل... هو باب من أبواب المعرفة، وربما أيضًا... باب إلى الجنة
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق