نواصل اليوم إن شاء الله تعالى الحلقة الثانية من سلسلة الهجرة.
الهجرة إلى الحبشة:
محاولة للخروج من الأزمة حتى نعرف كيف غير تاريخ الهجرة النبوية مجرى التاريخ؟ يجب أن نعرف أنه حين اشتد العذاب بأصحاب النبي - صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم - وضاقت بهم السبل ، أمرهم بالهجرة إلى الحبشة “فإن بها ملكًا لا يُظلم عنده أحد ، وهي أرض صدق ، حتى يجعل الله لكم فرجًا مما أنتم فيه”، فخرج فريق من المسلمين إلى أرض الحبشة ؛ مخافة الفتنة ، وفرارًا إلى الله بدينهم ، فكانت أول هجرة في الإسلام. وتفكير النبي - صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم - في الحبشة ينطوي على معرفة واسعة للنبي الكريم بأحوال شبه الجزيرة العربية ، واتجاهاتها السياسية ، فلم يكن هناك مكان أصلح للحماية والإيواء من الحبشة ، فالقبائل العربية تربطها بقريش علاقات وثيقة ، وروابط متينة تمنعها من استقبال هؤلاء المسلمين إذا ما فكروا في الهجرة إليها ، وبلاد اليمن غير مستقرة يتنازعها التنافس بين الفرس والروم ، والصراع بين اليهودية والنصرانية ، ولم تكن أي مدينة من مدن الجزيرة العربية تصلح أن تكون مكانًا مناسبًا لإيوائهم ، حتى يثرب نفسها التي استقبلت النبي - صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم - بعد ذلك ، وأقام بها دولته – لم تكن تصلح هي الأخرى في هذا الوقت لاستقبال المهاجرين ، حيث كانت تمزقها الخلافات الداخلية ، والصراعات بين قبائلها.
وكان جملة من هاجر إلى الحبشة ثلاثة وثمانين رجلاً.
مقدمات الهجرة الكبرى:
وإذا كانت الحبشة التي يحكمها ملك عادل تصلح أن تكون مأوى صالحًا ومكانًا للحماية ، فإنها لم تكن تصلح أن تكون مركزًا للدعوة ، ومعقلاً للدين ، ولهذا لم يفكر النبي - صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم - في الهجرة إليها ، واستمر في عرض دعوته على القبائل العربية التي كانت تفد إلى مكة ، أو بالذهاب إلى بعضها كما فعل مع قبيلة ثقيف في الطائف ، ولم تكن قريش تتركه يدعو في هدوء ، وإنما تتبّعت خطوه ، تحذر القبائل من دعوته وتنفّرها منه. غير أن سعي النبي الدءوب ، وحرصه على تبليغ دعوته كان لا بد أن يؤتي ثماره ، فتفتّحت لدعوته قلوب ستة رجال من الخزرج ، فأسلموا ، ووعدوه بالدعوة للإسلام في يثرب ، وبشروه بالفوز لو قُدّر له أن تجتمع عليه قبائل يثرب.
وإلى اللقاء فى الحلقة القادمة غدا إن شاء الله تعالى لنواصل سلسلة الهجرة.
بقلمى/د. محمد شهاب
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق