يوميات بتات 1
لم ترتح "بتات" بالاسم التي اختاره لها والديها بعد ولادة عسيرة؟ عقد لسانها، فاختارت التمتمة للتخاطب. كل الناس كانوا ينعتونها، البكوشة.
بتات، يعرف هذا الاسم بالنساء والرجال الذين تقول فيهم الحكمة التونسية: يسأل عل العلة وبنت العلة والطبيب باش (كيف) مات ! هذه ناس تبيع في الريح للمراكب.
يرحمك الرحمن أم بتات كانت من جنس هؤلاء البتاتة، تطوف من دار إلى دار تبحث عن الأحداث بغية الثرثرة. كانت حمالة الحطب. تفتش عن المعلومات من صغيرها وكبيرها للتباهي والمغالاة والحكاوي والوشايات. أمام هذا الغلو الاجتماعي قررت بتات الابتعاد عن سلوك أمهات القرية فالتجأت إلى نادي العلوم لتصلح ما فسد من أفكارها. هذا بلاد يحتاج فيه المرء إلى إسمين لكي يأخذ حقه...
الجزء الأول: أجهزة بلا مشاعر.
كانت "بتات" فتاةً في العاشرة من عمرها، تملك فضولًا لا حدود له، ودفترًا صغيرًا تكتب فيه كل ما يخطر ببالها. لكن ما يميز بتات حقًا هو أنها كانت ترى العالم بطريقة مختلفة، كأن كل شيء فيه يتكوّن من "بتات" صغيرة، مثل بتات الحاسوب.
في صباح أحد الأيام، استيقظت بتات على صوت المنبّه الرقمي وهي تهمس لنفسها: هل المنبّه يُحبّ إزعاجي؟ أم أنه مجرد تنفيذ أوامر؟
نزلت إلى المطبخ، وأثناء تناولها الفطور، راحت تتأمل محمّص الخبز. إذا ضغطت هذا الزر، تخرج حرارة. إذا رفعت المقبض، يتوقف. لماذا لا يفكر المحمّص؟ كتبت ذلك في دفترها تحت عنوان: أجهزة بلا مشاعر.
في المدرسة، أخبرتهم المعلمة عن مشروع علمي. الجميع قرر بناء نماذج صواريخ أو براكين. لكن بتات قالت بحماس: سأبني روبوتًا يكتب يومياتي!
ضحك البعض، لكن بتات لم تهتم. كانت عازمة على تعليم الروبوت كيف يفهم مشاعرها، ليكتب يومًا: اليوم، شعرت بتات بالفرح لأنها فهمت درس الجبر!
يتبع
بقلمي عبدالفتاح الطياري -تونس
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق