طيف في المرايا......
رأيته… لا، لم أره، بل لمحته كنسمة هاربة من زمنٍ غابر، يسكن خلف الزجاج، بين الانعكاس والحقيقة. كان ظلًّا لا يشبهني، لكنه يعرفني أكثر مما أعرفني.
وقفتُ أمام المرآة، كعادتي، أبحث عن ملامح لم تعد تخصني. كانت عيناي تفرّان من نظرة لا ترحم، نظرة الطيف الذي يسكنني حين أظن أني وحدي.
قال لي دون صوت:
"كم مرة حاولتَ أن تمسح وجهك من الزجاج؟"
أجبته دون كلام:
"كم مرة خفتُ أن أراك كما أنت؟"
المرايا لا تكذب، لكنها لا تقول الحقيقة كاملة. فهي تُريك نفسك كما يريد قلبك، لا كما يعرفها روحك. والطيف الذي فيها… ذلك الظل الذي يبتسم حين أبكي، ويشرد حين أضحك… لم يكن سوى أنا، في زمنٍ لم يأتِ بعد.
يا طيفي الساكن في المرايا، هل أنت ماضيّ الذي هرب مني؟ أم مستقبلي الذي لا أجرؤ على لقائه؟ أم أنك… الحقيقة التي خبأتها خلف أقنعة الأيام؟
كلما نظرتُ إليك، خُيّل لي أن الزجاج ليس حاجزًا، بل نافذة… تطلّ منها روحي على نفسها، علّها تجد أخيرًا من تكون.
بقلمي: الكاتب و الأديب شتوح عثمان
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق