اليكم المقطع الثاني عشر
تحليل لقصيدة 2/تداعيات لزمن منفلت لعبدالرحمان بكري (الثاني عشر)
محمد هالي
كان من الممكن صد هذا الفكر و اغلاقه نهائيا، و ما دام الامر مستحيلا في مجتمع هجين تسيطر عليه الخرافة، و الشعوذة، مما يعطي شرعية زائدة لمثل هذه الافكار ان تنتشر، لتحاصر كل ناقد متبصر عاقل، فما على هذا الاخير الا ان يبوح في قمة هذه العربدة عن حقيقة الرفض الكامنة فيه، أولها تلك السفسطة الممارسة يوميا :
" على حوار يقينيات غيبية
تمتلأ وثوقية ونكوصية نصية"
و لعل الكلمات المستعملة هنا تبين حقد المعربد "غيبية" وثوقية" نكوصية نصية" ليختم هذا السيل بالزمان و التاريخ او المرحلة الذي يقصدها، إنه باختصار شديد مجرد "مجاري صرف الصحي" في نهاية التسعينات من القرن العشرين" و هذا ما يجعلنا نقع في نكوص تاريخي لا يمكن توقعه، فنحن عوض أن نسبح الى الشط بأمان نسقط في قاع البحر من جديد، اذ اصبحنا متخلفين عن ماضينا، اذا قارنا المطالب التي كان يحملها اليسار و الطموحات التي كان يسعى اليها كما ذكر في القصيدة الاولى من" تداعيات زمن منفلت" نجد أنفسنا في هذا الزمن الذي انقلب علينا، غارقين في الغيبيات ،و وثوقية النصوص، و الذي في أخر المطاف هو حلم بمجتمع متخلف يشبه مجتمعات القرون الوسطى الاقطاعية، هكذا اصبح الخطاب سكونيا تراجعيا، باهتا . و كأننا نحارب طواحن بأسلحة دون كيشوتية ، فبعدما كان اليسار يفسر الاحداث بالمادية التاريخية و المادية الجدلية، بناء على صراع الطبقات في المجتمع، استبدل التحليل فأصبحت الصدقة وانتظار الغيث من السماء لتفسير الكثير من الظواهر الطبيعية ضمن ترقيعات الحلول الخيرية التي ينشرها هذا التيار الأصولي داخل المجتمع، و بعدما كانت الحرية عالما جميلا نتصوره، أصبح الخضوع و الطاعة سكونا لا نهاية له، إلى غير ذلك من القيم التي تغيرت "في نهاية التسعينات من القرن العشرين" فهذا هو الخطاب الجديد لا يجب أن نخرج عن "الحولقة" و لا يجب مناهضة" القوامة في لباس الذكورة" على لسان الشاعر :
. "يحرضني في كل مناسبة
أن أصير منصاعا له في صيغة المضارع
وقد رأيته ماضيا بلا حسيب "
لأن طبيعة الوثوقي " مسكونا بحقد بلا رقيب"
(يتبع)
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق