أطفال غزة يلبسون الأكفان
لا عيد في زمن الطغيان
كان يفترض أن يركضوا في الساحات، أن يضحكوا ملء السماء، أن تلمع أعينهم فرحًا بالثياب الجديدة والحلوى المخبأة في الجيوب الصغيرة. لكن العيد أتى، ولم يجدهم. رحلوا قبل أن يحفظوا معنى البهجة، قبل أن يكتشفوا كيف يكون الفرح حين تُضاء المصابيح وتُوزَّع الهدايا.
في شوارع غزة، لا زينة تُعلق، لا ضحكات تتعالى، بل صمت مثقل بالوجع، وعيون تفيض بالحزن. هناك، لا ترفرف الأعلام ابتهاجًا، بل تُرفع الأكفان البيضاء كأنها رايات تفضح الظلم. أطفال غزة لم يعرفوا العيد، بل عرفوا كيف يكون العناق الأخير تحت الركام، وكيف تسبقهم أرواحهم إلى السماء، حيث لا قصف، ولا فزع، ولا غربان الموت التي تحوم فوق بيوتهم الصغيرة.
أي عيد هذا، وأي فرحة؟ كيف يُقال "عيد سعيد" لمن لم يبقَ لديه بيت، لمن تحوّل فستان العيد إلى كفن، ولمن أصبح العناق الأخير أثقل من أن يُحكى؟
غزة تبكي، والعالم يتفرج. لكن دموعها ليست ضعفًا، بل وعدٌ بأن الحكاية لم تنتهِ، وأن الطغيان إلى زوال، وأن العيد سيأتي يومًا، حين تزهر الأحلام من تحت الركام، وحين يضحك الأطفال الذين لم يُولدوا بعد، أولئك الذين سيرثون الأرض، وسيكتبون بدماء من سبقهم: "كان هنا أطفال، وكان لهم حلم."
بقلمي: الكاتب و الأديب شتوح عثمان
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق