الأحد، 26 أكتوبر 2025

„نكسة الوفاق „

„نكسة الوفاق „

قصيدة للشاعر والمهندس طاهر عرابي
دريسدن – كُتبت في 12.07.2021 | نُقّحت في 26.10.2025

في «نكسة الوفاق» يُكتب شعر الحب كما يُكتب الضوء على سطح الماء؛
تتقاطع الرهافة بالحكمة، ويُختبر العشق كمعرفةٍ وجودية لا كعاطفة.
النصّ يفتح على نفسه أبواب التأمل والبوح، ويقيم توازنه بين العقل والحسّ،
بين الحلم واليقظة، بين الإنسان وظلّه.
هنا، لا يُروى الحب، بل يُعاد اختراعه —
يتجدّد بعد نكساته، ويتّفق مع بداياته كخَيارٍ أبدي.


نكسة الوفاق

1
جاءتْ لتعذّبني… فعزفتُ،
مرّتْ قربَ الوردِ… فقطفتُ،
ناديتُها… فتلطّفتْ،
قلتُ:
أتُغيِّرَتِ النوايا؟
وتوقّفتِ عن الكلمات،
حتى غرقت النظرات بصمت النفس،
وأشعلتِ لغةَ الحاجبين؟
فترقّق قلبي مثل قوسِ الندى المعلّق بين الروحين…
تعالي نخطُ معًا،
لعلّ صدى الأقدام يبعث البهجة في القامتين.
مازال للانحناء وهجٌ طريّ من شغف الحواس،
نتلمّس الجدران وكأنها رداء،
ونتلمّس الرداء وكأنه شرنقة اللقاء.

2
قالت:
ذاك عقابُ الصمتِ عمّا فات،
فلا حقَّ لي أن أُكافئَ صبري عليك
بأيٍّ من الشكوك في الحب، ولا أرضى بالاتهامات.
كم ملكت من الوقت لتفهم أن الحرية تخاصم الساعات؟

كم مرةً يتقطّع القلب… ثم يلتحم؟
والشريانُ يتدلّى كعنقودِ عنبٍ،
وفي أسفلِ الحياة قداس لا يفنى،
حتى ولو أن دقات القلب تموتُ في العَظْم…
وتنهض من جديد كأنها صولجان!
يطرق لليقظة،
فمن يسمعه، ينسى الكلام…
أيّ كلام يُرفع؟ وفي صمت الحواس يولد ميلاد كلمة.

3
من أنت في لغةٍ لم تُخلق بعد،
تمرّرها ولا تدري؟
ما أغرب أن يوبّخني الألم لأكونَ صنمًا للحب؟
فررتُ من تحتِ غفوتي،
فغفوتُ في يقظتي…
وكأن الهلاك نعشٌ يراني وأنا أراه.
نتلفت، ولا نفهم:
كيف يكون البدءُ قبل النهايات؟

لو يتكلّمُ الشجر،
لفهِمَ من تحتِ قشرته… وابتسم،
ورفع ماءَ سواقي يُغمرُ به الثمرات،
ويكفّر عن ذنب التبعية الساهية.

لو تَقوَى العصافيرُ على حملِ أحلامِ العاشقين،
لحملوهم،
وطافوا بهم في السماء…
إجلالًا لمن اخترقَ الموتَ
بحجرٍ… وقلم…
ووردةٍ تغيّر ألوانها
لتبقى سيدةَ الزهر، بلا مرآة.

لا سهو في الحب، ولا حلمٌ يمرّره العقل لينسى.
كفانا نخسرُ الوجوه،
نُبدّلها بين البهجة المالحة والعبوس الرمادي،
ونُقلّب مسامات الجلد
كأنها رموزُ الرضى…
فلم يبقَ سوى هذا الألم،
الذي نسميه عشقًا… بلا عشق،
مثل وردٍ بلا عطر، أو عطراً بلا أنفٍ يرشفه.

4
مرّت ليالٍ، ونحن ننتظرُ صُلحًا…
فهو ما تبقّى لنحمِلَ فيه كلَّ الخطايا.
نعاتبه وكأننا غرباء.
سقطنا… سقطنا… سقطنا،
ونحن غائبون عن معنى الصفاء.

فلنعترف بجدارة الخاسرين:
نحن نملكُ ملازمةَ الغيرة،
حتى تفيق في عقولنا خلايا الحِسّ،
فنوقظها… قبل أن تجفَّ الأصابع،
ويموتَ اللمس.

أرفضُ قوانينَ الصبر… وأخرج، فلا صبر بالحب.
اهدمْ تراتيبَ الوعود… وأخرج، فلا وعد للقاء.
عاندْ هذا السِّلمَ المقتول،
الذي تظنّه يحيا برمشٍ من عينٍ عمياء.

فكُن حذرًا:
من فرَّ من الحب… فلن يكونَ حرًّا،
فتبعْ خُطايَ لتكونَ حرًّا،
وأكون حرّة، أحمل الوفاق،
وأرشه على النكسات، لترحل…
هل رأيت وردةً جوريةً بيضاء؟
إنها الحب حين خُلق.

طاهر عرابي – دريسدن 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

ارسم هوايا ومهجتي .. بقلم أ. لمياء العلي ...

ارسم هوايا ومهجتي  كحلم على ورق الشجر نداه يطبب دمعتي وتاج وضعته كالبدر يضيء ظلامي بالدروب ونقش عشقه في الصدر وألف آه على دمعتي لما أفيق على...