السبت، 21 يونيو 2025

في دهاليز الخذلان

في دهاليز  الخذلان 

بقلم الدكتور عوض أحمد العلقمي

   في هذا اليوم الخميس الموافق 19 يونيه 2025 لميلاد المسيح ، قررت الخروج من المنزل نحو سوق الشيخ عثمان في حاضرة الظلام ، لعلي أجد نفرا من الأصدقاء ، أو غيرهم من الزملاء ، لكنني وجدت نفسي في سوق شبه مظلم ، تتجاذبه أصوات المولدات الصغيرة ، والجو ملوث بدخاخينها المزكمة ، وكأنك بين مئات من المهافي(بفتح الميم فالهاء ثم كسر الفاء ، ومفردها مهفى بكسر الميم وفتح الهاء ثم فتح الفاء ، والمعنى مصنع الفحم اليدوي العتيق ) ، الأمر الذي جعلني أستذكر زمن الصبا وليالي الإدلاج ، إذ كنت مغرما بالسير في الليالي المظلمة من غير إضاءة ، في هيوج جبل مبدار العميقة الضيقة ، التي تستوطنها شلالات المياه الهادرة ، وتسكنها تلك البرك العميقة ، التي تسبح فيها الضفادع ، والسلاحف ، وصغار الأسماك ، فأطرب كثيرا ، وأنا أستمع إلى أزيز الأشجار الكثيفة بفعل الرياح ، وأصوات الحشرات القابعة على أغصانها ، فضلا عن نقيق الضفادع من تلك البرك ، وخرير الماء المنذلح من الأعلى نحو الأسفل . 
   ولكن شتان مابين الأمرين ، فالمقارنة غير عادلة البتة ، ولا  وجه للمقارنة بين نقيق المولدات وروائحها الكريهة في هذا المناخ الساخن وبين تضاريس جبل مبدار ، ومناخه المعتدل ، ومياهه النقية ،  وروائح أشجاره العطره ، وأصوات مخلوقاته الطبيعية الساحرة ، فضلا عن زخم الشباب وقوته في سن العشرين ، وسلطة الشيخوخة في سن الستين والانحدار نحو الضعف .
   وهنا جلست في مقهى ، احتسيت كأسا من الشاي ، جلس إلى جانبي شيخ مسن ، ولما رآني شارد الذهن ، غافل الحواس ، مهموم الفكر ، عابس المحيا ، ساخطا في الحياة ، اعتذر تلطفا ، ثم استأذن قائلا : أود أن أسألك ، فهل تسمح لي بذلك ؟ قلت : على الرحب والسعة ، سل مابدا لك. 
قال : وكأني أراك مهموما يا أخي ، فهل استطيع مساعدتك للخروج مما أنت فيه ؟ 
   أعزائي القراء نلتقي في السردية القادمة .  

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

ارسم هوايا ومهجتي .. بقلم أ. لمياء العلي ...

ارسم هوايا ومهجتي  كحلم على ورق الشجر نداه يطبب دمعتي وتاج وضعته كالبدر يضيء ظلامي بالدروب ونقش عشقه في الصدر وألف آه على دمعتي لما أفيق على...