الخميس، 29 مايو 2025

عودة ميت

عودة ميت 
إنه المساء من يوم الثلاثاء الشمس في الأفق قاب قوسين أو أدنى من المغيب على شكل قرص يشع،إحمرارا ليسير نحو الإختفاء ليسدل الليل الظلام و يخيم السكون و يستسلم الجميع للنوم العميق. باستثناء بعض الكائنات التي تجد في الليل راحة لتعبير عن مكنوناتها و أحمد كعادته يستقل لنفسه زاوية من زوايا الشرفة المطلة على الشارع يتأمل في أيات الله التي أصبغها على عباده و هو بين التأمل و تصورات العقل المفرزة سمع ضجيجا خفيفا دنا من الشرفة أكثر و أطلق العنان لبصره و سمعه فأذا به يلمح شخصا محاصرا من أهل البلدة كأنه لص لبس حذاءه و نزل مسرعا نحو الشارع و هو يردد ماذا هناك؟ماذا يجري؟فيأتي الجواب من أحد الحضور إنه شخص غريب يتجول في حينا في هذا الوقت المتأخر من الليل نظنه لصا 
دنا منهم أكثر ليستفسر الأمر فكانت المفاجأة إنه علي صديق طفولته المقرب إفتقده منذ زمن طويل. و هو يمعن النظر فيه و قد أكل الشيب شعر رأسه و لحيته ليصيح قائلا :أتركوه...دعوه...إنه علي إبن قريتنا الذي سافر منذ زمن طويل عبر الهجرة السرية و انقطعت أخباره حتى كنا نظن انه فارق الحياة.. لما تعرضت السفينة التي كانت تقلهم للغرق ...في خضم هذه الدهشة و الحيرة إرتبك الجميع و تعالت الأصوات هل هو فعلا علي!...نعم ..نعم..هو بشحمه و لحمه إنه حي يرزق...يؤكد لهم أحمد ذلك إلتف الجميع من حوله عانقوه عناق المشتاق...و دمع قد ترقرق في أعينهم و تحشرجت أصواتهم و حبس الحديث في حناجرهم...غير أن علي لم يفهم شيئا...فصاح يقول:ما بالكم أنا  علي إبن قريتكم و هذا مسقط رأسي و أختنق الصوت...و أجهش بالبكاء.. و لم  يعد قادرا على متابعة الحديث...فأسرع مهرولا يبغي منزله...و قبع أهل البلدة مكانهم...لا يدرون ما يفعلون...لحق أحمد بصديقه و الدمع ينهمر من عيناه لا يكاد يصدق ما يحدث و هو يردد...الحمد لله قد عاد صديقي من الموت ..يا الله ما أكرمك...
بقلم //عمر تلمساني سعيدي 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

مـقــدسـيّ فـي الــمـهــجــر

مـقــدسـيّ فـي الــمـهــجــر هـنـاك تحت الشـمـس عــلى أراضي السّيادة عــرب وفــرس للتّوحيد والشهادة وسلسال عرش لأصحاب السمو والسعادة بسيف وف...