الاثنين، 28 أبريل 2025

ريح الجوع

ريح الجوع 
في بلادٍ تئنّ تحت وطأة العطش، خرجت الحرية تمشي حافيةً فوق الرمل.
كان وجهها مضاءً بنجومٍ بعيدة، وثوبها من خيوط الشمس.
ناداها الناس من نوافذهم الضيقة: "يا حرية! أين الماء؟ أين الخبز؟ أين الدفء؟"
ابتسمت الحرية وقالت:  "ازرعوا بذوري في قلوبكم، وانتظروا المطر."
لكن الجوع كان أشرس من الصبر.
وفي مساءٍ حزين، دخلت إلى الساحة عربة خشبية تجرها ريح صمّاء، وعلى العربة سلالٌ من خبزٍ أبيض، تفوح منه رائحة تسحر المعدة قبل الروح.
قال صوتٌ أجوف: "خذوا الخبز، وانسوا الانتظار. خذوا الخبز، وادفنوا الحلم."
مدّت الأيدي المرتجفة أصابعها، وانكسر ضوء النجوم فوق السلال. وانحنت الحرية، كسنبلةٍ عطشى، وسقطت بين الغبار.
منذ ذلك اليوم، صار في البلاد خبز كثير، وأحلام قليلة. صارت الأفواه ممتلئة، لكن الأرواح خاوية. والريح تمرّ بين البيوت تردد أغنية لا يسمعها أحد: "الخبز يسدّ الجوع... لكنه لا يحرّر القلوب."
بقلمي عبدالفتاح الطياري -تونس 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

تساؤلات

تساؤلات  أهذا مسكن مهجور   ...  !؟  أم أنا به مأسور   ...  ! ربما سجن   ...! وأنا بداخله مدحور  كأنه قبري  وٲنا للقبر  حارس مكسور  أتقاسم ال...