الاثنين، 24 مارس 2025

«(٢٤)» نفحات وتجليات رمضانية «(٢٤)» ★(عباد الرحمن)★

«(٢٤)» نفحات وتجليات رمضانية «(٢٤)»
  ★(عباد الرحمن)★*★د/علوي القاضي★
... وصلا بما سبق (وَالَّذِينَ إِذَا ذُكِّرُوا بِآيَاتِ رَبِّهِمْ) التي أمرهم باستماعها ، والإهتداء بها ، (لَمْ يَخِرُّوا عَلَيْهَا صُمًّا وَعُمْيَانًا) أي لم يقابلوها بالإعراض عنها ، والصمم عن سماعها ، وصرف النظر والقلوب عنها ، كما يفعله من لم يؤمن بها ولم يصدق ، وإنما حالهم فيها ، وعند سماعها كما قال تعالى (إِنَّمَا يُؤْمِنُ بِآيَاتِنَا الَّذِينَ إِذَا ذُكِّرُوا بِهَا خَرُّوا سُجَّدًا وَسَبَّحُوا بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَهُمْ لايَسْتَكْبِرُونَ ) يقابلونها بالقبول ، والإفتقار إليها والإنقياد ، والتسليم لها ، وتجد عندهم آذانا سامعة ، وقلوبا واعية ، فيزداد بها إيمانهم ، ويتم بها إيقانهم ، وتحدث لهم نشاطا ، ويفرحون بها سرورا واغتباطا
... (وَالَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا) أي قرنائنا من أصحاب وأقران وزوجات ، (وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ ) أي تقر بهم أعيننا
...وإذا إستقرأنا حالهم وصفاتهم ، عرفنا من هممهم وعلو مرتبتهم ، أنهم لاتقر أعينهم ، حتى يروهم مطيعين لربهم ، عالمين عاملين ، وهذا كما أنه دعاء لأزواجهم وذرياتهم في صلاحهم ، فإنه دعاء لأنفسهم ، لأن نفعه يعود عليهم ، ولهذا جعلوا ذلك هبة لهم ، فقالوا (هَبْ لَنَا) ، بل دعاؤهم يعود إلى نفع عموم المسلمين ، لأن بصلاح من ذكر ، يكون سببا لصلاح كثير ممن يتعلق بهم وينتفع بهم
... (وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَامًا) أي أوصلنا ياربنا إلى هذه الدرجة العالية ، درجة الصديقين والكمل من عباد الله الصالحين ، وهي درجة الإمامة في الدين ، وأن يكونوا قدوة للمتقين في أقوالهم وأفعالهم يقتدى بأفعالهم ، ويطمئن لأقوالهم ويسير أهل الخير خلفهم فيهدون ويهتدون
... ومن المعلوم أن الدعاء ببلوغ شيء ، دعاء بما لايتم إلا به ، وهذه الدرجة (درجة الإمامة في الدين) لاتتم إلا بالصبر واليقين ، كما قال تعالى (وَجَعَلْنَاهم أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا لَمَّا صَبَرُوا وَكَانُوا بِآيَاتِنَا يُوقِنُونَ)
... فهذا الدعاء يستلزم من الأعمال ، والصبر على طاعة الله ، وعن معصيته ، وأقداره المؤلمة ، ومن العلم التام الذي يوصل صاحبه إلى درجة اليقين ، خيرا كثيرا وعطاء جزيلا ، وأن يكونوا في أعلى مايمكن من درجات الخلق بعد الرسل
... ولهذا ، لما كانت هممهم ومطالبهم عالية ، كان الجزاء من جنس العمل ، فجازاهم بالمنازل العاليات فقال ، (أُولَئِكَ يُجْزَوْنَ الْغُرْفَةَ بِمَا صَبَرُوا) أي المنازل الرفيعة ، والمساكن الأنيقة ، الجامعة لكل مايشتهى وتلذه الأعين ، وذلك بسبب صبرهم ، نالوا مانالوا كما قال تعالى ، (وَالْمَلائِكَةُ يَدْخُلُونَ عَلَيْهِمْ مِنْ كُلِّ بَابٍ سَلامٌ عَلَيْكُمْ بِمَا صَبَرْتُمْ فَنِعْمَ عُقْبَى الدَّارِ) ، ولهذا قال هنا (وَيُلَقَّوْنَ فِيهَا تَحِيَّةً وَسَلامًا) ، من ربهم ، ومن ملائكته الكرام ، ومن بعض على بعض ، ويسلمون من جميع المنغصات والمكدرات
... وكل عام وحضراتكم بخير
... تحياتي ... 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

ارسم هوايا ومهجتي .. بقلم أ. لمياء العلي ...

ارسم هوايا ومهجتي  كحلم على ورق الشجر نداه يطبب دمعتي وتاج وضعته كالبدر يضيء ظلامي بالدروب ونقش عشقه في الصدر وألف آه على دمعتي لما أفيق على...