السبت، 29 مارس 2025

وجه أُمي في المرآة

وجه أُمي في المرآة
------------------
في طفولتي كانت أُمي
تَعجِن سنابل الدُّعاء بدُموعِها
 وتخبِّزها في السماء أنتظر أنتظر…
وحينما لا تتساقط أرغفة، 
أنام بدون عشاء،

صوت أمي قاهر الجوع،
دموع أمي هازم الألم،
نظرات أمي تمسك الآمال من
شَعرها وتضعها في قفص اليقين،

أُمي كل الاتجاهات، 
كل الطرق المؤدية إلي الأمان،

تساقطت سنوات التَّشرد من
جيب الوقت واستَّقرت في
جُب النسيان،
أطعمتُ الريح رماد احتراق
براءة طُفولتي،

وقبل أن أمسح دُمُّوع أمي 
بمنديل قلبي،
 فاجأني صباح لا رضاب فيه
صباح تنفس بموت أمي
 تسلَّقت جُدران العُزلة
 التي شعرت بها،
 مشَّطت جثة أمي الميِّتة
 بعيون الحزن،
 مشَّطت الحياة القصيرة 
بأقدام الحنين،

منذ ماتت أمي، امتلأ جسدي
 بفراغ مُوحش،
بصهيل حسرة يخرج من أعماق
الروح،
لم أعد أنتظر 
نبوءة السماء بالأرغفة
انفراط مسبحة الحظ السعيد
بين كفتيَّ الشاحبتين،

كل الذي أنتظره وأتمناه أن تمسح 
يد الإلٰه دموع أمي نيابة عن
منديل قلبي الذي تعثر بوعورة
تضاريس الحياة،

جسدي الممتلئ فراغاَ
 لا أحد شغل هذا الفراغ
لا أحد بدد وحشته
 لا الزوجة،
لا الأبناء،
لا البنات،
وحده الحزن من يتسكع
 في هذا الفراغ الشاسع،
كلما وضعت وجهي أمام المرآة
أري وجه أمي فأجهش بالبكاء.

   سعيد العكيشي/اليمن 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

أُحِبُّكِ يا مِصْرُ

... أُحِبُّكِ يا مِصْرُ أُحِبُّكِ يا مِصْرُ حُبًّا يَطالُ فُؤَادِي وَرُوحِي بِهِ أَعْتَصِمْ وَلَوْلاكِ ما ذُقْتُ طَعْمَ الْحَيَاةِ وَرُوحٌ ب...