الثلاثاء، 6 مايو 2025

بونسوار

قصة قصيرة 
بونسوار 
بقلم شريف شحاته مصر 
تنحدر جيهان المرغنى من أصول عريقة جدا فقد نشأت على الثقافة الفرنسية والتعليم الفرنسى والتربية الخاصة مع المربية الفرنسية حتى تغيرت الأحوال بعد رحيل الملك وتأميم الإقطاع والحجز على الأملاك وإضطر والدها على زواجها من المهندس عادل كريم من الطبقة الكادحة ولكنه طموح وناجح فى عمله بالمقاولات ولم تكن الزيجة سعيدة فقد كان شرقيا محافظا أرهقها بتحفظه حتى إرتدت الزى الإسلامى والحجاب بعد الضغط تارة والإقناع تارة أخرى وبعد أن أنجبت عمر وسهاد زادت المشاكل والأزمات وخاصة أن الأبناء أكثر ميلا لثقافة الأب كانا يستمعان للأغانى الشعبية والراقصة ولا يميلان إلى الأوبرا والسيمفونيات والأغانى الفرنسية العاطفية وعبثا حاولت التأثير عليهما حتى فى تحية الصباح والمساء فقد إعتادا على صباح الخير ومساء الخير أين بونجور وبونسوار وحين علمت بخيانة زوجها قررت الطلاق والهجرة إلى فرنسا والعجيب أن عمر وسعاد قررا البقاء مع والدهما وبالفعل رحلت إلى فرنسا لتعيش مع عمها الذى يملك فندقا صغيرا فى ضواحى باريس الجنوبية سعد عمها بحضورها لتؤنس وحدته وهو العجوز الأرمل ولكن للأسف الحياة تغيرت تماما هنا النزلاء من المهاجرين واللاجئين العرب والأسيويين والغريب أنهم لا زالوا يحافظون على الثقافة الشرقية والعربية على غير العادة وتحدثت مع عمها فى هذا الشأن فقال لها باريس لم تعد كما كانت حتى الشعب الفرنسى بدأ يسمع أغانى البوب والروك والجاز والراب وغيرها والحياة هنا لم تعد كما كانت شعرت جيهان بالضيق والتذمر فقد كانت تحلم بعودة ثقافتها وبدأت تختلط بالنزلاء العرب تارة وببعض الفرنسيين تارة أخرى وكأنها تعيش حائرة بين الشرق والغرب وقد إندهش عمها بالتغير المفاجئ لها وزادت دهشته حين حياها مساءا قائلا بونسوار وردت عليه قائلة مساء الخير. 
البعض يعيش صراعا نفسيا شديدا حين تختلف النشأة والتربية مع عودة الأصل والجذور وتبدأ رحلة المعاناة كالغزلان البرية التى نشأت فى أقفاص الطواويس لتجد نفسها فجأة تعود إلى البرية لتعاشر أقرانها. 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق