قصة قصيرة
أعماق
بقلم شريف شحاته مصر
أستعد لإجراء عملية جراحية دقيقة جدا لأحد البلطجية ذائعى الصيت بمنطقة سكنى وعيادتى هذا الكائن المتوحش المتجبر الحيوان كم رأيته يضرب نساء الليل فى الشارع ويأخذ الإتاوات من الجميع حتى أنا لم يتركنى حتى أدفع له ثمن الحماية وكم رأيته فى الشجار العنيف مع تجار المخدرات والمشردين والمنحرفين يسلخ البشر كالخراف والنعاج مع عصابته الخطيرة كم قابلته بشاربه الكثيف وشعره المسدل أسفل رقبته يشبه الكلاب الضالة وينظر لى شزرا بين التهديد والوعيد ولم تجدى معه بلاغات الشرطة والمباحث كأنه فردا منهم الآن سأراه راقدا امامى فاقدا للوعى والحركة والإرادة ينتظر رحمة الله ومهارتى وإخلاصى كم أبغضه كم أمقته ثم نادتنى الممرضة حجرة العمليات جاهزة يا دكتور محمود أسرعت إلى الغرفة فوجدت أبنائه يقبلون يدى بالله عليك يا دكتور ربنا يحفظك يا دكتور وتوسلات أمه العجوز وزوجته المنهارة أجبتهم ربنا كريم حتى ولجت إلى داخل الغرفة فرأيته يرقد عاريا كالأموات نظرت برهة إليه الآن سأفتح رأسك وأرى عقلك الغبى امامى وأنت كالبغل الراقد بلا حراك ولا صراخ أين التهديد أين الفحولة أين الإجرام ولا أعرف كيف إنتابنى هذا الشعور فجأة بالرحمة والشفقة. للروح قدسية تعرفها فى هذه المواقف والإنسان ضعيف مهما بلغ من قوة أو بطش وطردت الشيطان من رأسى وبدأت مهمتى التى إستغرقت عشر ساعات شاقة قمت فيها بأصعب وأدق عملية فى حياتى برأس هذا المسكين ونجحت العملية وحين بدأت تعود إليه العافية إنهالت على الدعوات بالستر والفرج والكرم من جميع أفراد عائلته وهو يبكى ويقبل يدى حتى سحبتها وقلت له حمدا لله على السلامه عليك بالتوبة رد بسرعة أه والله ربنا كريم أحيانى بعد الموت ولن أعود إلى هذه الحياة هذا وعد بينى وبين ربى وربنا يسترك ويحفظك يا دكتور فلم أشعر بهذا القدر من السعادة من قبل.
الإنسان ضعيف جدا والخير فيه كما الشر والظروف والبيئة والنشأة تحكم ورغم ضعف الإنسان يظل هو أخطر كائن على وجه الأرض.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق