الثلاثاء، 8 أبريل 2025

تحالف الظلال

تحالف الظلال
في مدينة "النور"، حيث تُرسم الأحلام وتُكسر القوانين بصمت، اجتمع أربعة من أكبر المقررين نفوذاً في قصر فخم بعيد عن أعين العامة. كانوا مختلفين في الانتماءات، لكنهم جميعًا يتشاركون رغبات جامحة لامتلاك الثروات، الطمع و الجشع. عطشهم للسلطة و المال ينظم اخلاقهم و سلوكهم.
كان لقاءهم سري.
جلس " منصور"، الوزير المخضرم، على رأس الطاولة، وقال بنبرة هادئة لكن حاسمة:
– لدينا فرصة ذهبية للاستفادة من مشروع الجسر الجديد، ولكن علينا أن نتحرك بحذر.
أجابه "فريد"، رجل الأعمال المتحكم في سوق العقارات:
–الشركات التي اخترتها جاهزة للمناقصة، لكن نحتاج إلى تسهيلات في الموافقات.
تدخل "نجيب"، المحافظ، بابتسامة ماكرة:
– يمكنني تمرير القرارات بسهولة، لكن يجب أن يكون هناك غطاء قانوني.
أما "كمال"، زعيم المعارضة الشكلية، فقد ضحك ساخرًا:
–وسأقوم بانتقاد المشروع في العلن لأجعل الأمر يبدو طبيعيًا، بينما في الخفاء سأضمن مرور كل شيء بسلاسة.
هكذا تمت لعبة المصالح.
وهكذا، بدأ التحالف في العمل، حيث تمت ترسية المناقصة على شركات تابعة لفريد، مقابل عمولات وزعت بعناية بين الحاضرين. الصحف كانت مليئة بالنقد المزيف من كمال، في حين كان المحافظ يسهل كل التراخيص، أما منصور فكان يبرر القرارات أمام البرلمان.
لكن لم يكن الجميع نائمًا…
هناك صحفي عنيد.  شاب يدعى "ياسر"، صحفي مستقل، لم يعجبه ما كان يحدث. بدأ ياسر في تتبع الخيوط، يجمع الوثائق، ويقابل مصادر داخلية. وبعد أشهر من البحث، نشر تقريرًا يكشف الفساد بالتفاصيل، موثقًا كل معاملة سرية.
تسبب التقرير في ضجة، وبدأت التحقيقات الرسمية. حاول السياسيون إنكار كل شيء، ولكن الأدلة كانت دامغة. بدأ التحالف في التصدع، كل منهم حاول النجاة بنفسه عبر خيانة الآخر.
و بدأ السقوط.
و انتهى بهم المطاف في المحاكم، وتحولوا من رجال سلطة إلى مجرمين في نظر القانون. لكن الحقيقة التي فهمها الجميع أن تحالف الظلال لم يكن الأول… ولن يكون الأخير.
بقلمي عبدالفتاح الطياري 
تونس

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق