الأحد، 23 مارس 2025

«(٢٣)» نفحات وتجليات رمضانية «(٢٣)» ★(عباد الرحمن)★

«(٢٣)» نفحات وتجليات رمضانية «(٢٣)»
  ★(عباد الرحمن)★*★د/علوي القاضي★
... وصلا بماسبق ، (وَلا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ) ، وهي نفس المسلم والكافر المعاهد ، (إِلا بِالْحَقِّ) كـ قتل (النفس بالنفس) و (قتل الزاني المحصن) و (الكافر) الذي يحل قتله
...(وَلا يَزْنُونَ) بل يحفظون فروجهم (إِلا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أوْ مَامَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ)
... (وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ) أي الشرك بالله ، أو قتل النفس التي حرم الله بغير حق ، أو الزنا ، فسوف (يَلْقَ أَثَامًا) ، ثم فسره بقوله (يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ) أي في العذاب (مُهَانًا) ، فالوعيد بالخلود لمن فعلها كلها ثابت لا شك فيه ، وكذا لمن أشرك بالله ، وكذلك الوعيد بالعذاب الشديد على كل واحد من هذه الثلاثة لكونها إما شرك وإما من أكبر الكبائر ، وأما خلود القاتل والزاني في العذاب ، فإنه لايتناوله الخلود ، لأنه قد دلت النصوص القرآنية والسنة النبوية ، أن جميع المؤمنين سيخرجون من النار ، ولا يخلد فيها مؤمن ، ولو فعل من المعاصي مافعل ، ونص الله تعالى على هذه الثلاثة ، لأنها من أكبر الكبائر  فـ (الشرك) فيه فساد الأديان ، و (القتل) فيه فساد الأبدان ، و (الزنا) فيه فساد الأعراض
... (إِلا مَنْ تَابَ) عن هذه المعاصي وغيرها توبة نصوحا ، بأن أقلع عنها في الحال ، وندم على مامضى له من فعلها ، وعزم عزما جازما أن لا يعود ، (وَآمَنَ) بالله إيمانا صحيحا ، يقتضي ترك المعاصي ، وفعل الطاعات (وَعَمِلَ عَمَلا صَالِحًا) مما أمر به الشارع ، إذا قصد به وجه الله
... (فَأُولَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ) أي تتبدل أفعالهم وأقوالهم ، التي كانت مستعدة لعمل السيئات ، تتبدل حسنات ، فيتبدل شركهم إيمانا ، ومعصيتهم طاعة ، وتتبدل نفس السيئات التي عملوها ثم أحدثوا عن كل ذنب منها توبة وإنابة وطاعة ، تبدل حسنات كما هو ظاهر الآية
... وورد في ذلك حديث الرجل الذي حاسبه الله ببعض ذنوبه فعددها عليه ، ثم أبدل مكان كل سيئة حسنة ، فقال يارب إن لي سيئات لاأراها هاهنا (والله أعلم)
... (وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا) لمن تاب يغفر الذنوب العظيمة (رَحِيمًا) بعباده ، حيث دعاهم إلى التوبة بعد مبارزته بالعظائم ، ثم وفقهم لها ، ثم قبلها منهم
... (وَمَنْ تَابَ وَعَمِلَ صَالِحًا فَإِنَّهُ يَتُوبُ إِلَى اللَّهِ مَتَابًا) أي فليعلم أن توبته في غاية الكمال ، لأنها رجوع إلى الطريق الموصل إلى الله ، الذي هو عين سعادة العبد وفلاحه ، فليخلص فيها ، وليخلصها من شوائب الأغراض الفاسدة ، فالمقصود من هذا الحث ، على تكميل (التوبة) ، وإيقاعها على أفضل الوجوه وأجلها ، ليقدم على من تاب إليه ، فيوفيه أجره بحسب كمالها
... (وَالَّذِينَ لا يَشْهَدُونَ الزُّورَ) أي لايحضرون الزور ، أي القول والفعل المحرم ، فيجتنبون جميع المجالس المشتملة على الأقوال المحرمة ، أو الأفعال المحرمة ، كالخوض في آيات الله ، والجدال الباطل ، والغيبة ، والنميمة ، والسب ، والقذف ، والإستهزاء ، والغناء المحرم ، وشرب الخمر ، وفرش الحرير ، والصور ، ونحو ذلك ، وإذا كانوا لايشهدون الزور ، فمن باب أولى وأحرى ، أن لايقولوه ويفعلوه ، أوشهادة الزور داخلة في قول الزور ، تدخل في هذه الآية بالأولوية 
... (وَإِذَا مَرُّوا بِاللَّغْوِ) وهو الكلام الذي لاخير فيه ، ولافائدة فيه ، سواء دينية أودنيوية ، ككلام السفهاء ونحوهم ، (مَرُّوا كِرَامًا) أي نزهوا أنفسهم ، وأكرموها عن الخوض فيه ، ورأوا أن الخوض فيه وإن كان لا إثم فيه ، فإنه سفه ونقص للإنسانية والمروءة فربأوا بأنفسهم عنه
... وفي قوله (وَإِذَا مَرُّوا بِاللَّغْوِ) إشارة إلى أنهم لايقصدون حضوره ولاسماعه ، ولكن عند المصادفة ، التي من غير قصد يكرمون أنفسهم عنه
... وكل عام وحضراتكم بخير
... تحياتي ... 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق